بسم الله الرحمن الرحيم
يوجد أمور لا يعاد فيها النظر، وهي ما يسمى بالمسلّمات بالعادة. ولا بأس بوجود المسلمات، ولكنها تحتاج إلى جرد، وتصنيف من وقت إلى آخر، فبعض ما كان من المسلمات، قد يتغير وضعه بعد فترة. من هذه الأشياء، ما نتخذ تجاهه موقف ونحسب موقفنا من المسلمات التي لن تتغير، ونعتقد هذا لفترة طويلة، وإن نسينا إعادة النظر، قد نعتقد هذا إلى الأبد، ولو لم يكن الأمر منطقياً.
من هذه المواقف، ما نتخذه ونحن لا نريد، مرغمين لسبب ما، دون تروي، دون اختمار. أعرف بأني تخليت عن بعض العلاقات بعد اختمار قرار إنهاء العلاقة، واختمار الموقف وتأكدي، ولم يساورني الحزن تجاه الأمر لاحقاً. ولكن، ماذا عن المسلمات الأخرى؟ العلاقات التي تخليت عنها مرغماً بشكل ما؟ وظللت أفكر بأن لا حيلة في الأمر، صار البُعد من المسلمات. لماذا؟ لا زلت حزيناً ونادماً على ما آلت عليه الأمور، والأهم، لا زلت أعتقد بأني أسأت التصرف، وكان يمكنني التصرف على نحو أفضل، كان يمكنني إنقاذ الأمر لو كنت أكثر حكمة وتوازن في قراراتي، وفهمي. أنا أعتقد بأن هذه الأفكار، جائت قرب رمضان لحسن حظي، رمضان مناسبة خير، وخير مناسبة للإصلاح. لست من الذين يرسلون الرسائل ليهنئون برمضان أو العيد. ولكن، ها قد وجدت سبباً للتواصل مع أحدهم، وإبلاغه بشكل ما، بأنه لا يزال مهماً، وربما طرح نفسي عليه كفكرة. فكرت؛ لماذا دائما أفكر؟ أعني بما جرى؟ لماذا لم ينتهي الأمر مثل غيره. الآن عرفت بوضوح أكثر من أي وقت مضى، بأنه لم ينتهي، لأنه سار بسوء غير عادي، وغير منطقي، لقد شوه الأمر وأسيء إليه حتى غدا شيء يحتاج إلى تصحيح جذري، لا يمكن تجاهل التشويه الذي لحق به، لا يمكن تجاهل سوء الفهم الكامل الذي أحاط به، هذا ما يجعله أمر ضروري، إصلاح غلطة شديدة الوقع، غلطة معقدة وغير عادية، ولا مبرر حقيقي لها، لهذا، يجب أن أصححها، ولهذا كذلك لم أنسى. لا أستطيع تحمل خسارة إنسان بهذه الجودة والتميز، مع ما حصلت عليه من تقدير من قبله، تقدير لم أستحقه تماماً، لا أستطيع أن أخسره لأني كنت غبياً في وقت ما. على الأقل، يجب أن أقوم بشيء، يجب أن أحاول، أن لا أستسلم هكذا وأقول: قَدَر. لقد كنت بالغ الشجاعة حينما ارتكبت غلطتي، كنت كما كنت دائماً، شديد المثابرة، والآن، يجب أن أكون شجاعاً في إصلاحي أيضاً، لماذا نكون شجعان حينما نتوجه بشكل خاطئ؟ يجب أن أكون كما أحببت وكافحت دوماً أن أكون. ولكن الفرق بين الشجاعة التي دفعتني في وقت سابق، والشجاعة التي ستدفعني الآن، هو أن تلك الشجاعة كانت شجاعة غبية، حمقاء خرقاء، بعيدة كل البعد عن المنطق والحكمة، والآن، أنا بعد سنوات أحكم وأذكى.
ولكن، لم يعد الأمر سهلاً عملياً كما كان، بعدما فرقتنا السنين ورمتنا كل في جهة. أتمنى لو كان الأمر معاكساً، لو كان التواصل صعباً في ذلك الحين وسهلاً الآن. هو شخص مهم الآن، ورغم أنه يمكنني الوصول إلى بريده، إلا أني لا أضمن الوصول إليه هو شخصياً، فلست أدري إن كان يطلع على بريده بنفسه. سأحاول، سيعينني الله.
يوجد دكتور ألماني جديد لدينا، وهو شخص ودود على ما يبدو. غالباً لا يحتاج إلى خدماتي المباشرة لحضوره على الأغلب مع دكتورين مصريين يتحدثان الألمانية، وهي لغة لها صوت غريب، وغير جميل على نحو استثنائي. مع ذلك، يهتم بالتواصل معي، ويحاول أن يكون ودوداً معي. يسلم كلما رآني ويفتتح محادثة، يبدو لي أنه ربما يود التعرف على سعوديين من غير السقماء، أعني الدكاترة، حيث ثقل الدم والافتعال والعقول الصغيرة أمر منفر حقاً. حضر لوحده قبل يوم، وهو أمر غريب، وطلب الحصول على جواز سفره. كان الموظف الذي يحمل المفتاح غير موجود، فقلت له بأني سأتأكد إن كان يوجد مفتاح احتياطي، بحثت ومعي الزملاء، وأجريت اتصالات، فوجدت المفتاح. أخرجه زميلي المسئول عن الأمر. شكرني، وقال بأنه يثق بي كثيراً ويقدرني. يا للفرق، يوجد استرالي مسلم، مطوع، ولكنه بغييييييييييييييييييييييض، وسخيييييييييييف، ونذللللللللل. كلهم غربيين، أو على الأقل من أصول غربية بالنسبة للأخير، وهذا الاسترالي مسلم وملتزم بعد من زين الطبايع، ولكن الفرق واضح. رأيت الألماني لاحقاً عند المصعد، نقل الكتب ليسلم علي بيده اليمنى. وسألني إن كنت سآخذ إجازة، أخبرته بأني لن آخذ قريباً، سألته، فأخبرني بأنه سيغادر غداً. سألته من أين هو في ألمانيا؟ قال من ميونخ، قلت: في الجنوب؟ قال: نعم، قلت: يعني من بفاريا؟ قال نعم، هل تعرف الكثير عن ألمانيا؟ قلت لا، القليل فقط. ضحك، وقال ربما أعرف جيداً بالجغرافيا. أحب بفاريا، فهي جميلة جداً حسبما سمعت، و كذلك، لدى أهلها ملابس تقليدية بديعة، لم يعودوا يلبسونها على ما يبدو، الملابس كنا نراها كثيراً في الكرتون، بناطيل قصيرة غامقة إلى مستوى الركب، معلقة بالأكتاف بسيور سوداء، يسمونها الليدن هوزن على ما أتذكر، وقبعات ذات طرف أمامي مستدق، وحزام يحيط بقبتها المجوفة إلى الداخل. كذلك، رأينا هذه الملابس كثيراً في افتتاحية ودعايات كأس العالم هناك في عام 2006. منذ أن كنت صغيراً وأنا أتمنى قبعة من قبعاتهم الجميلة. في شمال ألمانيا، قرب هولندا، يلبس الناس تقليدياً أحذية مصنوعة من الخشب، كنا نراها في بعض الأفلام، ولكن الآن، سمعت أنه لا يلبسها إلا كبار السن. هذه الأحذية أمنية بالنسبة لي، أعلم بأني لو ذهبت إلى هناك، ولن أذهب، سأشتري ما أستطيع من هذه الأماني. عودة للألماني، قال بأني يجب أن أزورهم هناك. رددت: ربما يوماً ما. خرجت وبقي هو، كان سيصعد إلى الطابق الخامس.
اليوم، وأمس، لم يكن أدائي جيداً في دورة السباحة. رغم جهودي، إلا أن هناك بعض الأمور أعجز عنها. أؤدي المطلوب، ويعجب المدرب أدائي، ولكن في لحظة معينة أفقد القدرة على التنفس، ويفسد كل شيء. لا زال رأسي يؤلمني بعد ساعات من الدورة. بعدما امتدح أدائي المدرب في لحظة معينة وأنا في قمة تركيزي، وطلب مني التوقف، لا أدري ماذا حصل، كان كل شيء على ما يرام، ولكني فجئة لم أستطع التنفس جيداًً، فهبط جسمي في الماء، ورغم أني أعرف كيف أخرج، إلا أني لم أستطع، وجدت نفسي أنزل كحجر ثقيل إلى القاع، ورئتي فارغة من الهواء، حتى وجدت نفسي أقف بذهول في قاع المسبح، لم يحدث من قبل، كنت لا أستطيع الهبوط في السابق. حاولت الصعود سباحة ولم أستطع، بحثت عن يد المدرب، فسحبني، وضحك بالأعلى علي. أخذنا لاحقاً إلى المسبح الكبير، وبعد أداء ناجح لتمرين معين، انتقلنا منذ اليوم إلى ذلك المدرب الأسود المزوح، والمخيف. طلب منا القفز من منصة مرتفعة، إلى المسبح. أعلم بأني لن أغرق إن شاء الله، لكون المدرب ينتظرني بالأسفل، ويطمئنني، كنت الأول وكنت مذعوراً، قاومت خوفي الشديد مع ذلك، حتى لا أؤخر الناس خلفي، وقفزت. تمكنت من الصعود إلى السطح، ولكني لم أتمكن من السباحة كما يفترض، مد المدرب الأسود يده الضخمة، ليساعدني، فاحتضنتها! ولصقت بها، حاول أن يطمئنني كي لا أخاف وأسبح، ولكن لا فائدة، رفضت إفلات يده، ثم طلب مني التمسك بكتفه، ففعلت بعد تفكير ومحاولة استعادة للتركيز. عاونني وحاول إصلاح وضعي لأسبح، وأنا أسبح بنجاح منذ أيام الآن، وكل شيء على ما يرام، ولكن لم أستطع السباحة!!! رفض جسمي الارتفاع، فساعدني حتى وصلت إلى طرف المسبح الأقرب. شعرت بالغضب وأنا أصعد الدرجات تحت الماء من أدائي في اليومين الأخيرين، أداء سيء حقاً. رغم أن المدرب الأول كان قد زكا الجميع أمام هذا المدرب، ومنهم أنا.
ذهبت اليوم إلى سوق الرياض جاليري، وهو من آخر الأسواق المفتتحة في السنوات الأخيرة هنا. وبالواقع، لا أرى فائدة من هذه الأسواق السخيفة، لأنك ستجد محلات الشركات العالمية نفسها تتكرر في كل سوق على نحو ممجوج وسخيف. اليوم ذهبت مع أختي وأبنائها، ولم نشتري الكثير، لم ندخل الكثير من المحلات بالواقع. كان المكان مزدحماً جداً، على نحو يشعر المرء بالأسف على حال هذه المدينة، وأهلها المساكين. كان وجود النساء كثيف إلى حد لا يصدق، ولست أدري لماذا بدت علامات الاستمتاع الشديد على وجوه بعض الناس هناك، في مكان غير مميز، وغير جميل. لم أجد محلات تبيع الأشياء الرجالية الجيدة أو المميزة، ولم أكن أبحث عن ملابس، فلم أعد ألبس غير الثوب منذ زمن سحيق، وأجد ملابسي الموجودة منذ ذلك الوقت وافية بالغرض لو فكرت باللبس، فأكثر ما أرى هو الأشياء التي تكون إما قبيحة، أو مكررة بفعل الماركات المنتشرة في كل مكان. كنت أبحث عن اكسسوارات، قبعات مثلاً، محافظ، ميداليات، أشياء من هذا القبيل. كان من أول الأشياء التي فعلتها، هو الذهاب إلى محل الحميضي للساعات، والنظر إلى ساعتي الحلم، كونينو لامبورقيني، وجدت أنهم أصدروا لون إضافي، ولكني لا زلت أحب ذات السير الأحمر، ودخلت لأسأل عن ساعتي المثلثة، وقالوا لي: 4200 ريال. كنت أرجو أن يكون سعرها قد انخفض، وإذا به زاد... مشينا أنا وأختي نتكلم، مررن قربنا فتاتين فقالت أختي حينم تعديناهما: الله ياخذتس!! سألتها لماذا تقول هذا؟ قالت: ما سمعته؟ تغازلك!! قلت بأني لم أسمع. قالت بأن الفتاة قالت: ناظرنا يا حلو!!. لم أسمع هذا، ورغم أن أختي هي الأقرب إلى مكان الفتيات، إلا أني أعتقد بأن هذه لعبة من حركاتها المعتادة، يعني لماذا لا تغازلني الفتيات إلا بحضرتها وليس بحضرة أختيّ الأخريين؟! محاولة مشكورة لرفع المعنويات. ضحكت حينما رأيت شكلي بالمرآة في أحد المحلات.
خرجنا بعدها بساعتين، وقد صدع رأسي ولم أستمتع. إني أكره المولات، ولا أجد فيها ما يمتع، وتزعجني حقيقة تشابهها. تواجد الكثير من العرب الأجانب كذلك، وبعض الإخوة الخليجيين، ورغم أن سلوك العرب الأجانب تحسن عن السابق نوعاً ما، أعني بالذات عرب الشمال وليس المصريين المؤدبين، إلا أن وجودهم لا يزال ثقيلاً على المكان.
غيرت من خبز وجبن، وعدت إلى سعد الحوشان، أعني اسم المدونة. لماذا؟ اكتشفت بالبحث على جوجل أن خبز وجبن لن يجدي نفعاً بالبحث عن المدونة.
رمضان على الباب، طق طق. بقي القليل فقط على هذا الشهر الفضيل. سيكون لدي الكثير من وقت الفراغ. لا يوجد خطة واضحة لدي. سأهتم أكثر إن شاء الله بالتراويح. ولكن غير هذا، لا أدري. سيكون الأصدقاء مسافرين لكون هذه إجازتهم السنوية، أعني أجانب الجامعة.
يوجد جوال جديد من سامسونج، من نوع أجهزة اللمس المتطورة. وهو ذو المعالج الأسرع بين هذه الأجهزة، وبشكل واضح يتفوق على جوال إل جي أرينا. يعجبني جداً هذا الجوال، دعايته تظهر بالجرائد على نحو مكثف، ومراجعاته أكثر من ممتازة. لكن، لا أدري إن كنت سأشتريه أم لا. أملك المال الكافي، ولدي الرغبة، ولكن أشعر بتردد لا أدري سببه. ربما لخوفي بأن حاسبي سوف يتعطل قريباً أو يسوء حاله أكثر، فلم يعد يعمل جيداً كما كان، وصار يظهر رسائل غريبة عند بدء تشغيله وكأنما بدأ الهارد دسك يتلف، أما الفيروسات فلا يوجد فيه منها شيء. لا أريد أن أشتري كمبيوتر و جوال جدد بنفس الوقت، فرغم أن أمي يبدو أنها لن توافق على سفرنا إلى الخارج لاحقاً، إلا أني لا زلت يحدوني الأمل. كمبيوتري لدي منذ حوالي 5 سنوات، وأطمح بأن يكمل 6 على الأقل قبل أن استبدله، لا لشيء إلا لأني أحب حقاً أن أستهلك ما لدي جيداً، كما أن استخداماتي لا تتطلب تجديد حاسبي بشكل دوري، كمن يلعب مثلاً الألعاب على الحاسب، فكل ما أحتاج إليه هو التصفح والكتابة والقراءة ومشاهدة الأفلام، وجهازي يفي بالغرض جيداً. على أني أحياناً، أشعر بأني أريده أن يتوقف عن العمل أو يبدي ذلك، لأني أود تجربة ماركة أخرى، أود تجربة لابتوبات لينوفو.
أنهيت قبل لحظة رواية يوسف زيدان الأولى، وهو مؤلف الرواية التي تحدثت عنها في المرة السابقة؛ عزازيل. روايته الأولى لها اسم غريب، هو: ظل الأفعى. ومن خلف الكتاب، تجد امتداح غير تقليدي للرواية، ومبالغة عربية بنوعيتها. الرواية باختصار سخيفة وقبيحة، ويبدو أن هذا ليس بالغريب على الكاتب، إنما الغريب هو خروجه بالنصف الجيد من روايته التالية. يضيع نصف الرواية هذه، لا، أكثر من نصفها بكثير، بهوس جنسي لا مبرر له، بأخيلة وتوصيف قبيح وقليل أدب، رغم محاولات التورية السخيفة، التي يشبهونها خلف الكتاب بـ"المكر الشديد" و"القدرة البلاغية" ما يعجز عنه الكثير من علماء اللغة!! يا للكذبة الماحقة، يا للتسويق الرخيص. يبدو الأمر بعيد عن الواقعية، وبلا حبكة حقيقية منذ البداية، وأنت تقرأ وتقاوم وتصبر نفسك لتصل إلى نهاية هذا الهراء كله. تتخيل بأنك تشاهد فيلم مصري رخيص، ككل أفلامهم، وأنت ترى توصيفه لكيف يحمل السروال أرداف البطلة، أو كيف تسير بإغواء طبيعي!! هأوأو. لا أنصح أبداً بدعم هذه الخدعة بالشراء، فهذا الكتاب حينما يكف عن هذه الإباحية غير المبررة، يبدأ بمحاولات التفلسف الرديء، غير الذكي. وبشكل سخيف جداً، يحاول أن يصدم القارئ بأراء غريبة ومبالغ في تطرفها، ثم يعود إلى مجاملة معتقد القارئ المفترض، وهو المسلم على الأرجح، فلا أعتقد أن النصارى في مكان آخر قد يضطرون لشراء هذا الهراء، وكأنه يتفادى غضبة أو تهمة، أو ربما يتفادى شعور ذاتي بالهرطقة، حينما يجعل النهاية مفتوحة، والآراء غير مواجهة بآراء أخرى، على موضة إثارة التساؤل، على أن التساؤلات هنا إما أنها عقيمة من الأساس، أو لم تطرح بالشكل الصحيح. وما شد نظري أكثر ما شده، هو أنه بدأ الرواية بحديث شريف كما فعل في روايته الأخرى، وأنا أعتقد بأن هذا الحديث هو تعويذة عملية، وشهادة بحسن نيته من الأساس. وأنا لا أشكك بنية الرجل، إنما أحلل ما أراه. مع ذلك، أجد استخدامه هذا للأحاديث استغلال سخيف لها، وكتابه هذا موضع قذر لا يليق بحديث، إن سلمنا على مضض بأن الكتاب الأول كان أكثر نظافة ومنطقية.
سخيف يا يوسف زيدان... سخيف.
لا أدري ما المشكلة بالإعتدال والتوازن بين متعة الكاتب ومتعة القارئ؟ كثيراً ما يقرأ المرء أفكار في الكتب الغربية، أفكار غريبة، وغير ملائمة لطريقته في التفكير، ولكن، يظل الأمر مقبولاً ومنطقياً. إنه الإحتراف، واحترام القارئ. أعتقد بأن يوسف زيدان يعاني من مشكلة مخيلة غير صحية. صدمني بمثل هذا القرف من قبل الكاتب الياباني موراكامي.
البخل رأس كل مذمة، هذا شيء مؤكد. ليس أبغض على نفسي من البخل والشح. قد يفكر المرء أنه لا يحتاج إلى الناس، لهذا لا يهمه كرمهم من بخلهم، ولكن هذا تفكير خاطئ. إن البخيل أقرب إلى الخيانة والنذالة، وأقرب إلى الاستغلال والجحود. عرفت أشخاص في وقت سابق يتوقعون منك أن تصرف عليهم في كل مرة حينما يخرجون معك، وحينما تدخل معهم إلى محل، وتنتهون عند المحاسب، يتلكأون بإخراج المال، ويقلبون محافظهم على أمل أن تدفع الحساب كاملاً. لا خلاف لدي أبداً بخصوص دفع الحساب عن شخص يستحق، كريم بطبعه ولا يمنعه الشح عن الدفع، ولكن أولائك الناس البخلاء يثيرون اشمئزازي. كان لدي صديق حجازي أعتبره من أكرم الناس الذين واجهت. كنا نخرج معاً كثيراً، وتمر أوقات أدفع الحساب بنفسي لفترة طويلة في كل مرة نخرج فيها، لعلمي بأنه شخص كريم بطبعه، لا يردعه البخل أوالشح عن الصرف حينما يتوفر لديه، بالواقع، لم يكن دفع الحساب مشكلة بيننا، كنا وكأننا نصرف من جيب واحد. بالمقابل، عرفت شخص،،، يا للبخل العجيب فيه، ولا أدري كيف لا يستحي من جعل الناس يدفعون عنه ويصرفون عليه طوال الوقت، ولا يستحي من نوعية ضيافته في أغلب الأحيان بالمنزل. حينما افترقت عنه، شعرت بأن العلاقة أصلاً طالت أكثر من اللازم. ولاحقاً، صرت أختصر الأمور حينما يهم شخص بخيل بتكوين صداقة معي.
أشعر برغبة قوية بتأليف شيء جديد...
جاء قبل قليل دكتور تركي، كان قد وصل للمملكة منذ فترة قريبة لأول مرة. دائماً ما يبدو عليه الذهول، أقصد الذهول عما حوله، فهو لا يركز كثيراً لسبب ما. يحاول أن يتلطف كذلك. للأسف أن مثل هؤلاء المساكين هم من يتعرض غالباً لسوء الحظ. لقد سرقت محفظته أمس، وفيها كل شيء تقريباً. كان لون وجهه متغيراً، ومعه زميله، تركي آخر. شعرت بأنه على حافة البكاء. قال بأنه يتمنى لو أخذ السارق كل المال بالمحفظة، ولكن أعاد البطاقات. بطاقة البنك، البطاقة الائتمانية، أرقام قد تدل على أرقامه السرية، و رخصة القيادة، وبطاقة إقامته هنا، وهي الأهم. كان تواصله معي فقط، إذ لا يجيد اللغة العربية، فهو ليس من الأتراك السخفاء في الجنوب. كان يأكل في المطعم وفقدها، سرقت بالتأكيد. ما أكثر من لا يخافون الله في هذا الزمن.
رحل قبل قليل صديق أسترالي، حكيت عنه في مدونة سابقة. لم أعرفه منذ فترة طويلة، ولكن رحيله أشعرني بانقباض شديد. تعرض هنا للكثير من المتاعب والظلم. ورغم أني لم أره منذ وقت طويل، إلا أني أشعر بحزن شديد لأني لن أراه مرة أخرى. إنها صداقة بالقلب على ما أعتقد، شيء لا يحدده زمن المعرفة. مكثت مع أشخاص لفترة شهور في عملي السابق بالوزارة، رأيتهم كل يوم، بعضهم كانوا لطفاء جداً، ولكن، لم أهتم بأني لن أراهم مرة أخرى، صحيح أني اهتميت وحزنت لأني لن أرى بعضهم، ولكن، ليس كلهم، وليس كما شعرت بالحزن على هذا الاسترالي المسكين. لدي العديد من الأصدقاء الذين رحلوا إلى بلدانهم. أتمنى رؤيتهم في يوم ما.
الصورة بالأعلى التقطتها لأبني أختي وابن أخي، حينما أخذتهما إلى مسابح رعاية الشباب حيث أتعلم السباحة. لم أسبح في ذلك اليوم. لم يعلموا بأني أصورهم، أخرجت الجوال بسرعة لأحتفظ بهذه العفوية والصداقة الجميلة، غير الملحوظة. عدلت الصورة في بكنك.
سعد الحوشان