(حديث نفس)
بسم الله الرحمن الرحيم
بقايا المشاعر، الشيء المخلف عقب صداقة ما. قد تبقى مشاعر طيبة، وقد لا يبقى شيء، ولكن إن بقي شيء من صداقة منتهية، فهي المشاعر، هي آخر ما يبقى، وآخر ما يموت بعد زمن، وإن استغرق الموت فترة، قد تطول، وقد تكون أقرب إلى وهلة. كذلك، هي بداية الصداقة، فلا تبدأ صداقة دون مشاعر طيبة. ولكن لا تقوم الصداقة عليها وحدها مع ذلك، كما يتوهم الكثير من الناس. يوجد مكون أساس، إنه الطقوس. فإن لم يوجد طقوس تمثل الصداقة، فالمشاعر تظل مجرد مشاعر. قد تعيش المشاعر لفترة معينة بعد انتهاء الطقوس، ونسمع بأنها عاشت إلى الأبد، ولكني أتصور بأن هذه حالات استثنائية جداً، إن لم تكن خرافية. ما فائدة المشاعر بلا تجسيد؟، ليس النبل دائماً في الاستغناء عن المادي والمحسوس والمرئي، والاكتفاء بالشعور. إن لم تترجم المشاعر، فلا يمكننا أن نسمي المشاعر بغير اسمها. لقد انتهت صداقاتي منذ فترة جيدة الآن، أو ماتت كما أحب أن أعبر، فهذا يصدق لشعوري. تبلد إحساسي تجاهها بشكل أسهل مما توقعت، تجاه بعضها على الأقل. في بعض تلك الصداقات، كانت المشاعر تحتضر منذ فترة طويلة، طويلة جداً، وارتحت من هذه المشاعر حال توقف الطقوس. في صداقات أخرى، لم أسأل نفسي عن مشاعري، لأني أردت فقط أن أنسى، وأن أعيش. وجدت الراحة، رغم ما قد يحمل هذا التعبير من قسوة، وجدت الراحة دون نوعية الأصدقاء الذين ربما انتقيت بعضهم في زمن كنت أنا فيه مختلف. وجدت الراحة بعدما اختمر شعوري بالاستنزاف في معظم الحالات. بيد أن الحياة حبلى بالمفاجئات، كما كانت دائماً. واجهت اليوم شخص محبب، هو أخ لآخر كان صديق مقرب لدي. هو طالب في الجامعة، وهكذا كان أخوه الأكبر، صديقي في وقت مضى. بدا لي لوهلة بأنه يرجو أن يتفاداني، ولم يكن هذا طبعه. ولكنه رغم هذا سلم علي بود وبتهذيب، وأمكنني أن أرى أنه يحمل لي الود بالنهاية، كما أحمل له. تكلمنا كثيراً، وتساءلنا عن الأحوال. لم يبدو أنه سيأتي على ذكرأخيه. سألت، وأخبرني بأنه ترك الجامعة دون أن يتخرج. أخبرني بأن حاله أفضل الآن بعدما ترك الجامعة. كنت أعلم دائماً بأن الجامعة كانت تشكل عبئ عليه وإشكال كبير، ولكني كنت دوماً أتصور بأن ما بقي قليل، أنه قطع الجزء الأكبر، وستنتهي المعاناة الشديدة بتخرجه. كنت أرجو من كل قلبي أن يقال لي: لقد تخرج الحمد لله. بعدما أخبرني بهذا استئذن عائد لأصدقائه، ومضيت. أكتب الآن، وأنا أشعر بالدمع يتكون بعينيّ. لماذا الحزن؟ لا أدري، كنت أحسب بأنه سيبلي حسناً بعدما افترقت عنه، ولم يخطر في بالي أن أسأل وأرى، كنت مرتاحاً ومتبلداً تجاه كل ما له علاقة بصداقاتي التي ماتت، ودفنتها بلا علامة. لم أعتقد يوماً بأن التخرج من الكلية أهم شيء بالحياة، ولكني حزين على السنوات التي ضاعت عليه. ما باليد حيلة.
سعد الحوشان
أعتقد انك متشائم قليلاً عزيزي..بقولك ان جميع صداقاتك انتهت او ماتت
ردحذفلا تستطيع ان تجزم بموت هذه الصداقة او كل صداقاتك لمجرد سوء فهم بينك وبين هذا الصديق..قد يصحح سوء الفهم هذا وتعود المياه لمجاريها.
ومهما حاولت القول انك افضل بدون صديق..وحاولت اقناع نفسك..ففي داخلك قناعة كامنه بأنك لست بخير ابدًا.
الجميع يحتاج لفترة نقاهة وابتعاد عن بعض الأشخاص لوهلة..لكن لا يمنع ذلك من العودة من جديد.
دُمت بود..أيها الغالي سعد..:)
Deeno
قد يشعر الإنسان بأنه أفضل بلا أصدقاء.. نمر بهذهـ الفترات التي قد تطول أحيانا..
ردحذفونبتعد صحيح..لكن أعتقد بأنه سيحدث ما يجعلنا نعود لمن جعلناهـ بمرتبة صديق من قبل..
أرى هذهـ الفترات متنفس ..بعد أن أنتهي منها لكني عندما أعيشها أظنها انقطاع تام..
::
عبارة صديقة لا أعتقد بأني سأنساها قالت "هناك أناس يحتاجونك ويفتقدونك وانت لا تهتمين بمشاعرهم"
في اللحظة التي قالتها شعرت بأنها تهمش رأيي.. وكأنه من المفترض أن أتناسى رأيي لأجل من يفتقدوني..لكن عندما فكرت بها لاحقا..وجدت بأني مخطئة فعندما تعود إليهم ستشعر بتلك القلوب التي افتقدتك بصدق..
أقولها لك يا سعد..وإن لم يظهر لك الجميع مشاعرهم لكن مؤكد بأن هناك من افتقد سعد الصديق..
::
صديقك الذي لم يكمل الجامعة..لا أعلم لماذا شعرت بأن في كلماتك شيء من الإحساس بالذنب..
صحيح هو لم يكمل الجامعة..لكن لعله سلك طريقا آخر ..تجارة مثلا..ووفق فيها..
حزنك..ربما يكون بداية حنين لصداقة فلا تهمل هذا الحنين يا سعد..
::
موفق
:)
عزيزي دينو
ردحذفأقدر رأيك كثيراً، وربما كنت لأقول مثله لو كنت في محلك.
مع ذلك، أعرف الآن بأن بعض الأمور التي تبدو مريعة بطريقة ذكرها، هي بالواقع الحل الأنسب والأكثر عقلانية.
لقد ارتحت صدقاً بموت صداقاتي العميقة، لكن ليس لأنها عميقة، إنما بسبب الشخصيات والظروف. عليه، إني أطمح إلى صداقات عميقة أخرى، ولكن يجب أن يختلف الأشخاص، لأن ابتعادي عنهم لم يكن بسبب سوء فهم، ولكن بسبب الفهم بالواقع، لقد فهمت جيداً، لذلك ابتعدت.
بيد أني لا أحقد على أصدقائي الذين افترقت عنهم، أو أتمنى السوء لهم، ولكني أريد أن أكون معنياً بأشخاص أفضل.
لا تقلق علي يا عزيزي، فأنت صادق، أنا في فترة نقاهة، وسأعود من جديد، بصداقات جديدة، بعون الله.
شكرا جزيلاً لك أيها الغالي دينو.
الأخت شذا.
إن ما تقولينه صحيح، ولكن، ما يجري معي أيضاً صحيح. إن الإنقطاع متنفس، ولكن هذا فقط نوع من أنواع الانقطاع، ما أنا عليه هو انقطاع لا رجعة فيه. إنه ليس عداء، فلا بأس لدي بالسلام، ولكنه ليس صداقة.
ربما كنت محقة، ربما هناك من افتقدني، وربما لا، بل إن البعض أعتبره مجنوناً ما لم يفتقد الغبي سعد، المتنفس للتحطيم وسوء المواقف والتعامل، المستنزف دون كلمة منه، المُهمل، ولكني لا أفتقد ذلك السعد، ولا أود أن أعود عليه. ولكن الأمر لدي سيان بالنهاية، اُفتقدت أم لم أفتقد، لأني أشعر بأن الأمر لم يكن عادلاً منذ البداية، وحان الوقت لأهتم بنفسي وصحة علاقاتي. لا تهمني مشاعرهم، حيث لم تهمهم مشاعري حينما كان العكس صحيحاً من قبلي. وهذا لن ينطبق على كل الناس بالتأكيد، ولكن على تجربتي السيئة مع الأسف. حيث أني مررت بالفترة التي تتحدثين عنها ودينو في تجارب أخرى، لكن هذه المرة الأمر مختلف.
أتمنى من الله أن يوفقه. أعلم الآن بأنه ارتاح من الجامعة، وقيل بأنه يعمل ووضعه أفضل. ربما كان الأمر فقط معاصرتي لمجهوده في الجامعة، والسنين التي لم ينل بعدها شهادة.
يوجد شخص كتب تعليقاً ولم أنشره، أعتذر منه على عدم النشر لأني لم أفهم تعليقه، فهمي بطيء أحياناً.